واشنطن تنهي الحرب وتترك بلداً مشتّتاً يدمره العنف والخلل السياسي
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 16-12-2011
 
   
عن: نيويورك تايمز
بعد ما يقارب التسع سنوات أزهقت خلالها الكثير من الأرواح وأنفقت فيها  أموال طائلة، توشك حرب العراق على الانتهاء. حيث جرت مراسيم متواضعة في  المطار قبل أيام من رحيل آخر القوات الأميركية إلى الكويت، لقد خرجوا كما  دخلوا في ما اسماه المسؤولون بأكثر الحملات العسكرية دموية
وطموحا منذ حرب فيتنام. بالنسبة للولايات المتحدة، فان الحرب تترك إرثا مضطربا وان ما تحقق لم يكن يوازي عدد القتلى والجرحى. هذا الصراع الطويل قد أضعف العراق وموارده، وأثار تساؤلات عن رغبة الاميركان في التورط في حروب مستقبلية بهذا الوزن. سيبقى العراقيون في بلد لا هو في حالة حرب ولا في حالة سلم. لقد تحسنت أوضاعه بشكل أو بآخر منذ عام 2007، لكنه يبقى بلداً مشتتاً يدمره العنف والخلل السياسي، بلداً على خطوط الطائفية، مستقبله بأيدي أبنائه. يقول الصحفي عماد رسن الكاتب في صحيفة الصباح الجديد "إنها النهاية بالنسبة للأميركان فقط، لا احد يعلم ما إذا كانت الحرب ستنتهي بالنسبة للعراقيين أم لا". سيحاول العراق أن يجد مكانه في منطقة تعج بها الثورات وان يدير شؤونه مع إيران التي ستحاول توسيع نفوذها ثقافيا واقتصاديا من خلال الفراغ الذي سيتركه الجيش الأميركي. وبينما يقلق المسؤولون الأميركان من العلاقات السياسية الوثيقة بين القيادة العراقية وإيران، فان الصورة الأعمق هي الاكثر دقة. فالعراقيون يشتكون من السلع الاستهلاكية الإيرانية غير المطابقة للمواصفات –من الحليب والأجبان رديئة الجودة– ومن الدور الخطير للمليشيات المدعومة من إيران والتي قتلت هذا العام الكثير من الجنود الاميركان. التنافس الإيراني غالبا ما يظهر في مدينة النجف الأشرف التي تتركز فيها السلطات الدينية العراقية. مؤخرا قامت إيران بتعيين احد رجال الدين البارزين التابعين لها في مدينة النجف، مما أثار المخاوف من أنها تحاول نشر حكمها الديني في العراق. من جانب آخر ذكر التيار الصدري بان الدبلوماسيين الأميركان المتبقين سيكونون لعبة جميلة بيد رجاله المسلحين. يواجه العراق العديد من المشاكل المحيرة التي فشل الأميركان في حلها والتي تمتد من كيفية تقسيم ثروة البلاد النفطية إلى المصالحة الطائفية الى تأسيس نظام عدلي نزيه.
يقول عادل عبدالمهدي النائب السابق لرئيس الجمهورية وهو يصف عملية المصالحة السياسية بين الفصائل الرئيسية الثلاثة في العراق "نحن جامدون في مكاننا والأمور مصابة بالشلل، نحن نسير من سيئ إلى أسوأ". عدد كبير من العراقيين لا يصدقون أن الاميركان سيغادرون فعلا نتيجة لعقلية التآمر التي تطورت عبر السنين في ظل دكتاتورية صدام حسين القمعية العنيفة. بعد انسحابها من العراق نهاية هذا الشهر، فان القوات الأميركية ستخلف وراءها بلدا مضطربا سياسيا وضعيفا، معرضا للانزلاق إلى حرب طائفية سبق أن قتلت الآلاف في 2006 و2007.
لقد اشرف رئيس الوزراء نوري المالكي على توحيد قوات الجيش، إلا أن حكومته ليس فيها الكثير من التمثيل: فمعظمها مؤلفة من الإسلاميين المؤيدين لإيران. كما تم تهميش القائمة العراقية العلمانية التي فازت في الانتخابات البرلمانية في آذار 2010. هذه الحكومة الإسلامية لا تبشر بخير فيما يتعلق بمستقبل البلاد. ولسوء الحظ فان هذه الحكومة كانت نتاجا مباشرا للتصور الأميركي المضلل عن العراق منذ اجتياحه عام 2003.
هذه السياسة المعيبة كانت أكثر أهمية، في رسم شكل العراق، من حجم القوة الأصلية التي اجتاحته، فضيحة سجن ابو غريب عام 2004 أو زيادة الزخم عام 2007، ويقع اللوم على هذه السياسة في الوضع الخطير الذي تترك فيه الولايات المتحدة العراق اليوم. في تسعينات القرن الماضي، تصورت أميركا عراق ما بعد صدام على انه سيكون اتحادا فيدراليا من العرب والكرد. التغير المصيري في التفكير الأميركي جاء عام 2002 عندما كانت إدارة بوش تتهيأ للحرب. انقلب العراقيون أنفسهم على هذا النظام. فبعد الصراع الطائفي عامي 2006 و2007، أعاد العراقيون اكتشاف القومية. وفرت إدامة الزخم الأميركي والنقد المتنامي للدستور الجديد البيئة المناسبة للمالكي للظهور عام 2009 كزعيم وطني حاز على احترام كل الطوائف. إلا انه في أيار 2009، ومع وجود الرئيس اوباما في السلطة، عاد الإسلاميون الشيعة –الذين همشهم المالكي في الانتخابات المحلية- وتجمعوا مرة أخرى في طهران، وكان هدفهم تحالفا خالصا يحتضن حتى المالكي نفسه. وصارت الأولوية بالنسبة لهم تصفية المسؤولين المرتبطين بالحكومة السابقة بما يعرف باجتثاث البعث. في ذلك الوقت كانت واشنطن تغض بصرها عما يجري، بعد ان كان أداؤه ضعيفا في الانتخابات البرلمانية عام 2010، تبنى المالكي برنامجا طائفيا من اجل كسب دورة ثانية كرئيس للحكومة. الا ان مسؤولي ادارة بوش فشلوا في ملاحظة التغيير الذي طرأ على المالكي، ولم يغتنموا الفرصة لإنقاذ المالكي من حافة الطائفية عن طريق التحالف مع القائمة العراقية، بل قاموا بتشكيل حكومة مشاركة السلطة في كانون الأول 2010. السبب الرئيسي في عدم منح المالكي ضمانات لبقاء القوات الأميركية بعد 2011، هو تمسكه بإرضاء حلفائه. نتيجة لذلك فقد أصبح رهينة لدوافع الإسلاميين المؤيدين لإيران. حكومته الحالية منتفخة جدا وضعيفة لا يمكنها تطوير سياسات متينة أو إبعاد النفوذ الإيراني. من خلال نظر المسؤولين الاميركان إلى المالكي باعتباره يمثل طائفة وليس باعتباره عربيا عراقيا، فقد تغاضوا عن الفرص التي توفرت سابقا لكنها ذهبت الآن. ويعود الفضل لسياساتهم المعيبة في أن العراق الذي يتركونه اليوم هو اقرب إلى بلد يائس منقسم منه إلى بلد مليء بالتفاؤل.
■ ترجمة المدى

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced