نازك الملائكة في كتاب جديد عن دار الشؤون الثقافية
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 22-06-2010
 
   
بغداد ـ العالم


صدر عن دار الشؤون الثقافية في بغداد كتاب ((نازك الملائكة بين الكتابية وتأنيث القصيدة)) للدكتور عبد العظيم السلطاني، بطبعته الأولى2010. وعنوان الكتاب يقدم بعضا مهما من مضمون الكتاب، فالكتاب يرصد منجز نازك الملائكة ويحلّله ليقف على الموضع الذي يمكن أن نخلص إليه من خلال تحليل مجمل منجزها، ولاسيما في تلك المرحلة الثقافية الحرجة التي قدمت نازك فيها شرارة منجزها وبؤرة أهميته، ونعني به نهاية النصف الأول من القرن العشرين وتحديدا حول بؤرة العام 1947م .

فثمة نسقان ثقافيان أظلا منجزها وحكما الأنساق المتحركة في الذات وهما النسق الشفوي والنسق الكتابي، إذ تباينت تجليات علاقتهما صعودا أو انحدارا، تمددا أو انحسارا. حتى بدا واضحا أن نسقي التأنيث والتذكير لا يمكن الاقتصار عليهما لتفسير تباين منجز نازك الملائكة، لأنهما ليسا سوى نسقين فرعيين مستظلين بنسقي الثقافة الكتابية والثقافة الشفوية، كل بحسب طبيعة ملاءمته وانسجامه مع ثقافته المنتجة. فنسق التأنيث جاء مستظلا بنسق الثقافة الكتابية في حين بقي النسق الذكوري مستظلا بنسق الثقافة الشفوية التي أنتجته وراكمت حضوره عبر العصور. في ظل هذا الرؤية المهتدية بأطر النقد الثقافي حاول الباحث فهم منجز نازك الملائكة وتفسير الظواهر التي تجلت في ذلك المنجز. فتمدد نسق الثقافة الكتابية في ذات نازك في أربعينيات القرن العشرين بفعل عوامل عدّة جاء ليتفاعل مع حيثيات أخرى كالاطلاع على منجز الحداثة الغربي في الأدب والنقد... الخ فتمخض عن كل ذلك قصيدة التفعيلة مثلما تمخّض عنه ،أيضا، النقد الحداثي، الذي سجلته نازك في مقدمة ديوانها ((شظايا ورماد)) في عام 1947، فجاء نقدا ساخطا على الأبوي وداعيا إلى كسر القيود ومحرضا على اعتناق الجديد...

وتمدّد النسق الشفوي في ذاتها في الستينيات ـ بفعل عوامل عدّة من أهمها ذلك الانتماء الثقافي لحركة المدّ القومي الذي آمنت به نازك ، والذي استلزم فيما استلزم إعلاء شأن الموروث الشعري القومي واستحضاره ... فقدّمت نازك في هذه الحقبة منجزا وصفت بسببه بالتراجع والتخلي عن مشروعها الحداثي... وكأن نقدها في الستينيات كان أشبه باعتذار عن دعواتها التي كانت في نهاية الأربعينيات.

إنّ مفهوم جودة الدراسات في واقعنا المعاصر لم يعد مقتصرا على النظر في النتائج النهائية التي تصل إليها الدراسات ، وإنما صار، أيضا، يُنظر إلية من خلال طريقة التفكير وطبيعة المنهج الذي تسلكه تلك الدراسة ومدى انسجامه مع الأسئلة التي أوجبت وجود تلك الدراسة. فدراسة ((نازك الملائكة بين الكتابيّة وتأنيث القصيدة)) تنطلق من أن السبيل المنطقي لفهم المنجز الحداثي في تجربة نازك الملائكة إنما يكون تفكيرا بنيويا باحثا عن البنية المحرّكة، من خلال النظر في الأبعاد الثلاثية لمنجزها، فمنجزها لم يقتصر على الشعر دون غيره، فهي فضلا عن كونها كتبت قصيدة الحداثة ((قصيدة التفعيلة)) فإنها أيضا كتبت نقد الحداثة الذي دعت فيه إلى كسر القيود في اللغة والقافية وعدد التفعيلات ... وهذان البعدان في منجزها لا يكفيان لفهم أبعاد الحداثة وتشخيص أنساقها في ذلك المنجز ، إذ كان لها منجز حداثي آخر لا يقل أهمية عن هذين المنجزين اللذين استخدمت فيهما نازك اللغة ببعديها الإبداعي((الشعر)) والعقلاني ((النقد))، فجاء منجزها الثالث متجليا من خلال ((الجسد))، ونعني به الهيأة والسيرة التي بدت عليها نازك وقدمت ذاتها للمجتمع، امرأة سافرة في مجتمع محافظ وتسعى لأن تستثمر كل طاقتها الممكنة فكانت طالبة في كلية الآداب تدرس اللغة العربية وتتعلم اللغة الانكليزية ثم مثابرة على دروس الموسيقى والمسرح لتعلم فن الإلقاء... لتقدّم ذاتها امرأة قادرة لا قاصرة. فكان توتر أنساق الحداثة بادية من خلال الجسد الذي أصبح ((إيقونة )) حداثة قبل أن تكون تلك الحداثة حاضرة في شعرها ومن ثمّ في نقدها..

وبذلك اكتملت أبعاد المنجز، فعبّرت نازك عن ذاتها تعبيرا عفويا منسجما مع بنيته المحرّكة وإن تجلى ذلك التعبير من خلال مظاهر متنوعة. هذه هي الفصول الثلاثة التي ضمها الباب الأول من الكتاب الذي رصد وحلل مسارات منجزها، ليأتي الباب الثاني راصدا ومتتبعا الأنساق الثقافية بدرس يتحرك صعودا ونزولا بحسب ما تقتضيه طبيعة أسئلة الدراسة ، ليتابع الأنساق الرئيسة وما تضمنته من أنساق فرعية، ليتكشف بوضوح توجيه الأنساق للمنجز وتجليات الصراع الدائر بين الأنساق من انتصار أو مهادنة أو تساكن أو تبادل للأدوار.

وكان الفصل الثاني من هذا الباب مختصا بالنظر في علاقة شكل القصيدة ونظامها بطبيعة الوظيفة التي تؤديها تلك القصيدة والعصر الذي تولد فيه، ففي ظل الثقافة الشفوية كانت القصيدة العمودية خيارا حتميا ، وفي ظل الثقافة الكتابية تصبح قصيدة التفعيلة انسجاما طبيعيا مع واقع ثقافي جديد. ويلخّص الفصل الثالث الأهمية الإجمالية لمنجز نازك الذي لا يمكن أن يدرك إدراكا معرفيا منتجا إلا بحضور المتلقي الذي يُخرج العلامات من زمانها ومكانها باحثا عن معنى المعنى

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced