لأول مرة في تاريخها : دار الأوبرا الملكية البريطانية تفتح أبوابها لفريدة محمد علي
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 16-07-2010
 
   
لندن- فيصل عبد الله


سجلت "سيدة المقام العراقي" فريدة محمد علي، وفرقتها بقيادة زوجها الفنان محمد كمر، سابقة فنية كبيرة تحسب لها خلال عطلة نهاية الأسبوع. إذ اعتلت خشبة مسرح دار الأوبرا الملكية وسط العاصمة البريطانية لندن. ولتكون بذلك أول مطربة عراقية، وعربية، تفتح لها بوابات هذا الصرح الفني العريق على مصراعيه. إنجاز فني من العيار الثقيل، سيضاف الى سجل مسيرة حافلة للفنانة ومؤسسة المقام العراقي الزاخرين. تلك المسيرة التي جعلت "سيدة المقام"، كما يطلق عليها، وفرقتها تلج صالات أكبر المسارح الأوربية والأميركية الشمالية مثل، مسرح دار الأوبرا الملكية في بروكسل، و احيت حفلاً لملكة هولندا في العيد الوطني، وغنت في مركز كينيدي في واشنطن، وصالة الفنون الكبرى في مونتريال/كندا، ولتقف أمام جمهور متعدد الثقافات واللغات والذائقة. والفضل يعود، كما هو واضح، الى تضافر الجهد الشخصي والاجتهاد لهذه المجموعة الصغيرة، مزجت بين العائلي والصداقي، بتقديم هذا النوع من الغناء التقليدي بعيداً عن مهد نشأته.

ولئن انطلقت مؤسسة المقام العراقي من شقة صغيرة في احدى ضواحي مدينة أوتريخت الهولندية في العام 1997. وكان الفنان محمد كمر، أستاذ آلة الجوزة، المحرك لعملها والموجه لاختياراتها. فان ذلك لا يخفي من مفارقة إطلاق فرقة فنية تلهج بتراث العراق الموسيقي التقليدي، وتتخذ من مدينة أوربية مقراً لها. مفارقة بليغة تؤكد ما لا يحتاج الى توكيد. صحيح ان فريدة ومؤسسة المقام، كما يصح على الفنون البصرية والسمعية والتعبيرية الأخرى، بقيت وفيّة لتجربتها وكأنها امتداد تعبيري وفني للمكان الأول. إلا ان الأخير، كما يقول حال العراق الحالي ممثلاً بمؤسساته الثقافية والفنية المنهارة أصلاً، خلق بيئة طاردة للمبدع ولم يعد ضامناً لاحتضان مثل هذه الفنون وجاداً في تقديمها الى العالم. ولنا في هذا الشأن التوقف عند تجربة صوتين مهمين في هذا المضمار وهما حسين الأعظمي وحامد السعدي. فقد اختار الأول العيش والتدريس في الأردن، فيما وزع الثاني وقته بين قراءة المقام وتجويد القرآن.

لكن ما يحز في نفس الفنان كمر حسب قوله "من ان وزارة الثقافة العراقية والمؤسسات التابعة لها لم تبد اهتماماً بتجربتنا، على عكس المؤسسات الأوربية التي وقفت معنا ودعمتنا وعضدتنا ومنحتنا ثقتها". ومع ذلك، فان كمر يعكف حالياً على تنفيذ مشروع طموح جداً، "عبر تسجيل وتوثيق وأرشفة المقامات العراقية بأصوات فريدة وحسين الأعظمي وسعد الأعظمي وهم في قمة عطائهم، ومن أجل حفظها للأجيال القادمة". ولكونه مشروعا ضخما "فانه يحتاج الى دعم مادي ومعنوي لتنفيذه. علماً بان الجهات الحكومية العراقية وما تملكه من أموال هائلة لم تبد اهتماماً جدياً بنا. وكان تعاملهم معنا أقرب الى التجاهل، مما حرض مؤسسة مثل الصندوق العربي للثقافة والفنون في الأردن الى المساهمة بدعم هذا المشروع بنسبة 5%. وهناك وعود من اليونيسكو، أيضاً، بتعضيد المشروع" والكلام لكمر.

حضور الفنانة فريد وفرقتها الى لندن كان قد مر بعدد من المدن البريطانية الأخرى. إذ سبق وان توقفت في مدينة ليفربول لأول مرة و التقت بجمهور مختلط من عرب وأجانب وبريطانيين. ومثلها في مدينة كارديف عاصمة مقاطعة ويلز، حيث شاركت ضمن "مهرجان موسيقى ورقص الشعوب"، الذي أسسه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل غداة الحرب العالمية الثانية في العام 1946، وكانت من ضمن 5000 فنان وموسيقي وراقص قدموا من مختلف بقاع العالم. برنامج الفنانة فريدة ومؤسسة المقام العراقي حافل خلال الفترة القادمة، كما تقول روزنامة فرقتها. فهناك جولة فنية حول العالم وسيكون للمنطقة العربية نصيب فيها، إذ ستشارك في مهرجان الأردن الدولي خلال الشهر القادم، فضلاً عن تركيا ودمشق والمغرب.

استحضرت فريدة تراث بغداد الغنائي وقدمته الى جمهور دار الأوبرا الملكية، ما جعلهم يرددون مقاطع بكاملها من أغانيها. حضر صوت ناظم الغزالي، وزهور حسين، وصديقة الملاية، ووحيدة خليل، ورهط آخر عبر تشكيلة جمعت حسن الاختيار ومهارة الأداء. حضر الأهل والخلان والفراق والحب والتراب وملامح المدن العراقية، الذين ابتعدوا بابتعاد الوطن. ما أضفى على أجواء القاعة نوعاً من "النوستالجيا" الى الأماكن والناس، وزاد من شحنات العواطف حد الدموع. ابتسامات الفنانة بين الفواصل الغنائية لم تخفف من قوة الشحن، بل وكأنها كانت تقول ان حناجرنا مسكونة بالقول الحزين. أما ملامح الوطن البعيد، بعد ان استباحه الجهل وغابت عنه ملامح الحياة المدنية، سيظل مثل "اسطوانة" نستحضره كلما "مررنا في مقهى" حسب كلمات الشاعر بدر شاكر السياب، ولربما عبر مناسبة و نعود إليه عبر الغناء. غناء وصوت فريدة محمد علي الأصيل وفرقتها، ولربما مجايلها وأقرانهم.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced