آخــــــــــــــــــر الليـــــــــــــــــــل
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 09-08-2010
 
   
ايمان الشمري
الليل وكل مافيه غريب ومبهم ومثير للفضول ,تتعالى الأصوات في آخرة ,نباح كلاب شرسة وأخرى جائعة تبحث عن مأوى ,مواء قطط مشردة اعتلت الجدران وأعلنت عن ضجرها الذي سئمه الحي ,أصوات صفير وأزيز وصراخ مجهول من جهة ما ,تمتزج جميعها لتصدر صوتا واحدا يتكرر حتى يختفي ..

وعند الصباح تجمع سكان الحي حول رجل اقتادته الشرطة من داره مكبلا وهو مستسلم كل الاستسلام مطأطأ رأسه الى الارض ,وبعد برهة أخرجت جثة من داره ويبدو إنها لزوجته ..!

لم يكن احد ليعرف الأمر لكن كل ما عرفوه هو انه متهم بالقتل ..

بينما انتشرت الأقاويل بسرعة مذهلة قال احدهم :لأنها كانت تؤوي الجند في بيتها , ,وقالت امرأة كانت تجاورها ,لا لقد قتلها لأنه أراد أن يتزوج من أخرى ورفضت هي وجرى شجار عنيف بينهما حتى حدث ما حدث..وقالت أخرى ما يناقض ذلك وتكاثرت الإشاعات لكن لا احد يعرف السبب الحقيقي ,فقد أحب زوجته بشغف الى درجة تحسدها عليها الجارات كما أنها سيدة نبيلة ومحترمة لا تستحق ان توصف بالخيانة مطلقا .على كل حال إنها الطبيعة المنبوذة في الجنس البشري حين يعجز عن التخمين يبدأ هو باختراع البديل .

وفي خضم تلك اللحظات كان التحقيق جارٍ معه..

-ما الذي دفعك الى قتل زوجتك ..؟-الصدمة تشعره بدوار فظيع وتفقده الإدراك

-لم اسمع شيئا ,اعد السؤال من فضلك ..؟!

-حسنا لا تراوغ ,لماذا قتلتها ..؟

لم أشأ قتلها مطلقا ولا أريد الحياة بعدها ,صدقوني إنها غلطة لن أسامح نفسي عليها ,أرجوك أيها الضابط أصدر بي حكم الإعدام ألان ,أرجوك أنا استحق كل العقوبة ,إما هي فلا ذنب لها أنا المخطأ..وتعالى صوته بالبكاء فتحولت القضية إلى لغز مؤلم إلى حد ٍ جعل الضابط يعامله بعطف اكبر ,سحب منديلا وناوله إياه واخذ يتكلم معه بهدوء ,حسنا مهما يكن الظرف الذي مررت به يا(حسن ) يجب أن نكمل التحقيق, والأمر الأخر لتخرج زوجتك من دائرة الشكوك ..

بعدها تنفس طويلاً ثم بدأ يتكلم..

آه ..كانت زوجة مثالية ,امرأة رائعة للغاية ,جعلت أمامي الحياة مرجا مزهرا لامكان فيه لفراغ الوحدة ,العالم بأجمعه لا يستحق إن يوصف بأنملة من أناملها ,(ورد )فوق كل الشبهات لكن تلك الليلة افتقدتها,صحوت فجأة ولم أجدها ..! فسمعت همسا يصدر عن شخصين ,ووقع أقدام بالقرب من باب غرفة نومي ,امتلكني لحظتها شعور سيء لا يحتمل أخذ يملأ رأسي ببخار كثيف ,جعل الأفكار تتلاشى في عتمة لا متناهية .أخذت سكينا كنت أخبئها تحت سريري .تقدمت خطوات نحو الصوت ,فوجدت رجلا في داري ويمسك بيد زوجتي ,سمعت الحوار الذي دار بينهما .. -هل رآك أحد عند قدومك إلى هنا ..؟-لا يا عزيزتي لا احد..اشتقت إلى رؤيتك .. كان البيت اشد ظلمة في عيني ,لم أر إلا أشباحا ..لحظتها تحولت إلى شعلة متقدة شرفي يهان ,يستلب سر كينونتي ,فجأة وجدتني أتعرى ,نعم فلا يوجد ما هو أشد مقتا من أن يذل الإنسان أمام ذاته ,لم امتلك نفسي طعنتها ..وظننت أني سأنتقم لشرفي ,ولأطفأ بعضا من النار التي أضرمت في أعماقي , أعمتني غيرتي ولم استطع تمييز شيء مما كان يجري ..

سقطت بين ذراعي, لفحتني أنفاسها الساخنة وهي تعاني الاحتضار ,أنفاس خارجة من لهب بركاني خمد فور اشتعاله ,لهب قاس ٍ وجارح ..قالت رغم ألمها ..لقد كان أخي..!!!

ثم ارتعش جسدها المطعون كارتعاشة الطير المذبوح وامتص وجهها صمت مريع ,بينما تهددني أخيها بالانتقام لها, أراد قتلي ,لكنها توسلت به, ذليلة خاضعة لقدرها ألا يفعل ,طلبت منه العيش لأجلها ..أخبرته إنها تلك اللحظة فقط شعرت إن الإخوة التي تربطهما تستحق التضحية حتى بالحياة .

نعم ..كنت غبيا إلى درجة ٍلم اعرف فيها حتى الأصوات ..خدعتني ظلال الليل ,وجعلتني أراه شخصا آخر ..

-وما الذي دفعه إلى زيارتها في مثل ذلك الوقت ..؟!

-كان هاربا..و منذ مدة لم يعرف احد عنه أي شيء ..اتهم من ِقبل جيش الاحتلال على زعم انه يدعم المقاومة .والجميع يعلم ماذا تعني السجون تحت أيديهم لذلك قرر الهرب حتى يثبت براءته من تلك التهمة .



ازدادت حيرتي وامتلأ رأسي بطنين أغلق مسامعي ..لحظة طعنها أصابتني بخناجر ماكرة تفرعت إلى جميع أجزاء جسدي ,كل شيء تناثر معها ..مع دماءها التي سالت بحرارة ,اعلم إنها ناقمة ًعلى ما فعلته بها لذلك لااريد الحياة بعدها .لااريد. وعاد إلى بكائه ثانية ً.. بعد ذلك أمر المحقق إن يأخذوه إلى الزنزانة ..ولحسن حظه انه الوحيد فيها ,ليتخلص من فضول الموقوفين (فمن رأى مصائب الناس هانت عليه مصائبه ).. لكن صورة( ورد) المطعونة تلاحقه وتتراءى له في كل اتجاه,كان يرى دماءها تملأ يديه كلما نظر إليهما ,فقدانها جمرة تربض على صدره فتشعره بالاحتراق لكامل الجسد الذي داعبته خواطر الفراق حتى تمنى غمر نفسه برمال الموت بدلا منها ..



لكنه لا يزال تحت وطأة المفاجأة ,إنها لم تثأر لنفسها حتى بل تمنت له الحياة ..!ربما لأنها أرادت إن تثبت له ما عجز عن إدراكه هو ..علها أرادت إن تقول له إن الحب الذي لم تستطع التعبير عنه إلا بقتلي فها أنا بجسدٍ ممزق عَلي أعبر لك عن بعض الحب ..



ورد..حبيبة وغالية وتمتلك التأثير الأقوى دائما وفي كل شيء حتى بموتها ..صورتها المصبوغة بالدماء تلتصق في مخيلته منذ أول لحظة ,نائحة ومستسلمة بين يديه كما تفعل دائما وأبدا ,قالت له في إحدى المرات إنها معه حتى الموت ..كانت تتمنى أمنية لطالما أفصحت عنها, هي إنها تود أن تموت قبله ..! لأنها لا تحتمل فراقه, أخبرته إن الحياة بدونك رمال جارحة تستحق الهجران ,عراء مميت لا بقاء لي فيه ,بينما هزأ هو بتلك الأمنية ..كان يعتقد إن الحياة لازالت تهديه متسعا من الوقت ليعيشا معا ً.ولم يضع الزمن الغادر في الحسبان .لم يضع الاحتمالات للحظة يفقد فيها الإنسان عقله ليتصرف بجنون,



وحماقة قد تحول الحياة إلى جحيم .. لكنها ألان قد حصلت على ما كانت تتمناه ,هاهي يراها مغطاة برداء ابيض ,وإكليل من زهور الياسمين يطوق رأسها ,إنها تبتسم له رغم كل شيء ثم تعود لتستقر أمامه. .هي ذاتها بكل ملامحها التي أَسَرَت قلبه لمدة من الزمن المغبون في سكين خطيئته لا تفارقه, بيد أنها غارقة في فقاعة تبتعد كلما حاول لمسها ,لأنه قد حَرَمها على نفسه مسبقا لكن لحظات واختفى ظلها ,تلاشى صوتها الذي ظل يؤنسه حتى بعدما حاول هو إسكاته إلى الأبد .

الحارس يناديه بعجلة:

-حسن ..حسن . انتفض من مكانه بسرعة لا إرادية ,كأنه استيقظ من حلم مفزع والتصق بالقضبان الحديدية ,وعندما سمع كلمات الحارس الأخيرة شعر كأنه سقط في جبل من جليد..

انهض يا حسن زوجتك تريد أن تراك..!!

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced