الحـب الضائع
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 16-08-2010
 
   
شاتي خلف الشويلي
لم تكن قد تعدت التاسعة عشرة من عمرها تلك الفتاة التي وقعت في حبائل غرامها تعودت على الكتابة لأني أرى طيفاً محبباً إلى نفسي خلال الأسطر التي كنت اسطرها في الرسائل التي أوجهها إليها وأتصور إن هناك أرواحاً تحس مثلي بالسعادة وهي تجلس إلى الطاولة التي اجلس عليها لذلك واصلت الكتابة دون تمهل أو توقف وانظر إلى يدي التي أتخيل إنها ما زالت تتوجع بلذة منذ أن ضغطت عليها نادية آخر مرة كنت قد التقيت معها كنت معجباً بقوامها الجميل إعجاب الرجل المحترم اذ يرى امرأة جميلة سحبتني عينها الواسعتان وأدخلتني في شرائط الغرام وقد توطد كل شيء واستقام في علاقتنا الحميمية وكل ما علي ان افعله هو أن أكمل ما يوطد العلاقة ويشعل نيران الحب لأن من بواعث سرور المرء ان يكمل رسالة غرام فكتبت رسالتي المنمقة بالعبارات الغزلية وكلمات الحب العذري وغادرت المنزل بهدوء وفي يدي ذلك الكنز الثمين إلى دائرة البريد وأكون أول من يصل هذه الدائرة لأسلم الرسالة لتصل إلى محبوبتي في الوقت المناسب كانت صناديق البريد مبللة بندى الليل كانت تعرف كيف يلتجئ إليها معظم الناس وكنت اعتبر هذه الصناديق من أعظم النعم التي توفرت للإنسان أنني أمل ان يذكر كل إنسان سقط يوماً ما في فخ الغرام كيف يحث الخطى مسرعاً بالعودة الى داره بعد ان يلقي رسالته الغرامية الى حبيبته في صندوق البريد ومن ثم يسارع في الدخول الى سريره ليتمدد فيه ثم يجذب اللحاف فيغطي وجهه به وهو يتصور بانه متى ما ينهض من فراشه حتى تلف به ذكريات اليوم السالف ويمد بصره بكل فرح وسرور الى النافذة التي بدأ ضوء النهار يندفع خلال ستائرها في قوة وحماسة ولكن حدث ما لم يكن أتوقعه حقاً ففي منتصف اليوم التالي جاءتني رسالة من نادية حبيبة قلبي وفيها الرد على رسالتي اذ تقول كن على ثقة بأنني في غاية الفرح ان أنت تفضلت وزرتنا وسأكون بانتظارك. حبيبتك نادية كل ذلك ملأ نفسي بإحساس بالحنان ولقد رأيت في ثنايا رسالتها صورتها وطريقة كلامها حين ترفع حاجبيها إذا ما ضحكت والحركة التي تنبعث من شفتيها غير ان نفسي لم تكن قانعة بما تضمنته رسالتها لأني وجدت ان رسائل الغرام الشعرية والنثرية لا يصح الرد عليها بمثل هذا الأسلوب والأخطاء الإملائية ورداءة الكتابة والإنشاء المتباعد الجمل والعبارات ورحت أتساءل نفسي عن السبب الذي جعلها تدعوني لأن ازور بيتها فأبقى تحت رحمة أمها وابيها ورحمة اخيها وأقاربها كيما يتفضلوا علينا فيدعونا لوحدنا في إحدى الغرف

ان مثل هذا التفكير لا سبيل له إلى عقولهم.

لقد بعثت رسالة رداً اذكر لها فيه بأن تختار احد الميادين او المنتزهات لتحدد لي موعد الملتقى فيه وإنني بذلك الرد كنت قد ضربت على الوتر الحساس فما هي الا فترة قصيرة قوبل اقتراحي ذلك بعين الرضا دون أدنى تردد وفي الفترة الواقعة بين الساعتين الرابعة والخامسة من مساء يوم الموعد اتجهت الى المتنزه العام الذي اقترحت اللقاء فيه فبلغت أقصى نواحيه وأكثرها ازدحاماً بالأشجار والنباتات الكثيفة لم يكن في ذلك المتنزه حتى ولا إنسان واحد

كان المفروض ان يكون اللقاء في مكان قريب من احد الشوارع العامة او تحت احدى مظلات الحدائق الصغيرة غير ان النساء لا يحبن ان تكون قصص غرامهن بين بين فهن على الدوام يركضن وراء خيالهن الشعري إلى آخر المدى ما ان بلغت المكان الذي اختارته نادية بنفسها حتى وجدتها واقفة وقد ادارت ظهرها وكان في مستطاعي ان اقرأ في ذلك الظهر كثيراً من الأسرار الشيطانية التي اختفت فيه لقد خيل الي ان كل شيء كان في ظهرها وخلف عنقها وما تتدثر به من ملبس والنقاط السوداء البارزة على ملابسها كانت تهتف بي قف ولا تتكلم بحرف كانت تبالغ في احاطة نفسها بجو من الأسرار أسدلت على وجهها نقاباً ابيض اللون ورغبة مني في ان لا افسد هذا المظهر السحري فقد أخذت أتقدم نحوها وأنا امشي على رؤوس أصابعي ورحت أتحدث بصوت هو اقرب الى الهمس منه الى الكلام المسموع والذي اتذكره الآن هو إنني لم أكن المقصود لديها بهذه المقابلة لأن اهتمامها كان أعظم بما يحيط بهذه المقابلة من أسرار وخيالات شعرية ذلك ان نظراتي التي أمطرتها بها وصمت الأشجار الكثيفة المظلمة وأغلظ الأيمان والعهود التي قطعتها لها كل هذه الأمور قد نسيتها نادية في دقيقة واحدة ولم يغلبها أي شيء عما كانت تفكر فيه ولم تحاول ان تخفي السر الذي كان يلوح على وجهها ولعل من حسن حظ الرجال ان النساء اللواتي يقعن في الحب تعميهن عواطفهن عن رؤية الحقائق بحيث لا يعرضن أمراً من أمور الحياة سوى الحب وأدارت وجهها عني وكانت تصغي الى ما كنت أهذر به في تيقظ شديد غير إنني ما لبثت ان تبينت في وجهها اثر التفكير الشارد إنها لم تفهم أي شيء مما قلته لها ولم يكن المستقبل الذي حدثتها عنه لتأبه به إلا بشكل ظاهر ليس إلا. إذن ما تفسير الحب ذاته إني لم أجد للحب تفسيراً حتى اليوم سوى إني سميته الحب الضائع كيف ضاع لست ادري.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced