شمران الياسري.. نهر العراق الرابع.. وضمير الرافدين
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 22-08-2010
 
   
المدى
إحسان شمران الياسري
في كل آب، نستذكر (أبو كَاطع) المناضل العراقي (شمران الياسري)، أسطورة العمود الصحفي البارز الذي أسسه بصراحته النبيلة، وأحد رواد الرواية الحديثة.وعند كل استذكار، يتبين كم نحن بحاجة إلى صراحته لنواجه بها أنفسنا ومن نحبهم من حولنا،
ولنواجه المسؤولين عن حياتنا وأمننا ومستقبلنا.. ونواجه بعض الذين سخر (أبوكَاطع) منهم وكشف زيفهم وسطحية عقولهم..
لقد عاش المرحوم (شمران الياسري) قليلاً، ولم يكتب إلا القليل.. فلم يُتح لطاقته الهائلة في الكتابة، وجرأته البالغة، أن تنتج الشيء الكثير.
فـ(شمران الياسري)، برغم كل الصعاب التي لازمت فترة إنتاجه القصيرة، حّلق في سماء الوطن، وساد على معاصريه بقلم فاتن، أبهر جمهوره من عامة الناس ومن خاصتهم، وأقلق سلطة الحكم، فحبسته تارة، وطاردته تارة أخرى، ودفعته في النهاية للمنافي، إلا إن أهم مفصل من هذا الإرث، هو ما يمكن تسميته (منهج شمران الياسري) في كتابة العمود الصحفي، وهو توأم لمنهجه في كتابة الرواية.. لأن الرافد كان واحدا.
فبين مشاريع روايات، وقواميس، لم تر منها النور بعد رحيله إلا رواية (قضية حمزة الخلف)، الرواية التي أكملت الأحداث التي انقطعت من رباعيته الخالدة.
وكان إنتاجه في العمود الصحفي متفرداً لم يفلح غيره بتقليده أو محاكاته.
لقد عاش (شمران الياسري) عفيف النفس، نزيه الضمير، متمّردا على البيروقراطية التي واجهها في المؤسسات التي عمل فيها، فوزّع تقواه ونجابته على من حوله، فلم يكن سياسيا نهّازاً للفرص، بل كان فلاحاً شديد القرب من الأرض، وبسيطا كما حبة القمح، ونقيا مثل ماء دجلة.. وبهذه المزايا، كان يفهم رفاق دربه، ويعرف من يستحق منهم الرفقة، ومن الذي (لا يساوي فلسا!).
كان (أبو كَاطع) ملفتا للنظر ومثيرا للاهتمام أينما حل.. فكان يستحوذ على اهتمام أي مجلس ويشغل الناس به.. وكان صادقا، غني النفس والمحضر.. ولم يتعال على الناس مهما كانت منزلتهم أو ثقافتهم أو ثرواتهم!.. فكان ابنا للمدينة، متحضراً، متقدما على جيله في استيعاب معطيات الحضارة والتقدم.. فيما كان حضوره إلى الريف، عند أهله، سببا لتوافد العشرات من الأقارب والمعارف من القرى المحيطة.. وكان بينهم كأنه أبسطهم وأكثرهم قربا من بيئتهم.. وحتى في ظروف العمل السري، كان بعض الثـُقات يأخذون علما بوجوده، فيتوافدون إلى الدار بعد أن يمضي من الليل أكثره، فيجلسون معه حتى ينبلج الفجر.
وبرغم ما يُشاع عن أهل عقيدته!، كان (شمران الياسري) من أكثر الذين يحترمون عقائد الناس، ويرفعون من شأن رموزهم، ويراعون طقوسهم ومعتقداتهم، فكان يتحدث بمهابة وإجلال عن نبي الله محمد (ص)، وعن نبي الله عيسى (ع)، وبقية الأنبياء (ع).. كما كان يتحدث بذات المهابة والتقديس عن رموزنا الكبيرة، الإمام علي (ع) والخليفة عمر (رض)، وعن الحسين (ع)، ويستمع باهتمام وخشوع إلى قصة استشهاده الخالدة.. بل إن رواياته تضمنت إشارات عديدة إلى تأثير الدين ورموزه في حياة الناس، مع انه أدان في غير موضع استخدام الدين لخداع الناس والكسب بالدجل عليهم، وفي مطلع شبابه صلى وصام.
إن فن تعرية الزيف، بعد تسمية ممارسيه، وكشف السواتر والأغطية التي يتلفعون بها، هو الذي مكنّ ما يكتبه (أبو كَاطع) من المرور إلى الناس، والاعتراف له بالأصالة في احترام عقولهم.
ومهما يكن من أمر النظام الذي كتب في ظله الراحل، وكتب عنه، فأنه (النظام) تحّمل هذه الصراحة الشديدة، والسخرية من الخطأ والتضليل والزيف.. ولم يكن هذا هبة من النظام أو تساهلاً منه، بل كان اعترافاً ضمنياً بمصداق ما كان يكتبه، واقترابه من الناس بأقصى درجة يستطيع فيها كاتب أن يكون عميقاً.. فضلاً عن ذلك، وهذهِ ربما مفارقة معقولة في ذلك الزمن، إن السلطة كانت تثق بما يكتبه (أبو كَاطع) في زمن كانت الصحافة (باستثناء صحافة الحزب) تداهن السلطة وتلمعّ كل ما له صلة بها.. وربما كان مصدر هذهِ الثقة، إن السلطة كانت تبحث عن الصوت الآخر لتسمع منه، خصوصاً إن تلك الكتابات كانت زمن الجبهة، وقاعدة الحزب الجماهيرية كانت تزاحم قاعدة حزب السلطة.. ومع ذلك، وحسب علمي، لم يبرز في صحافة تلك الفترة صوت أشجع من صوت (أبو كَاطع) ولا أمضى منه تأثيراً بين الناس ولدى السلطة.
كان المقال لديه، أما مباشراً في طرحه للقضية وأبعادها وحلولها، أو على صيغة حكاية مع (خلف الدواح)، الذي كان يظهر أكثر حدة من صاحبه في تناول شؤون الناس.. حتى إن الكاتب كان يبدو متساهلاً، وأحيانا مدافعاً عن السلطة ومؤسساتها بقصد رفع حدة الخطاب والنقد إلى أقصى ما يسمح به المقام.
ولم تكن نقاشات الدواح و(أبو كَاطع) مجرد أصوات تُعرّض بـ (الحكومة) لإسقاطها في أعين الناس، كما نشاهد اليوم في عالم الصحافة والنقد المبتذل، بل ظل (أبو كَاطع) إلى آخر اللحظات يكتب بقلم المتطلع للأمام، والمدافع عن أي شيء يمكن الدفاع عنه، وهذه ميزة طبعت سلوك الحزب أيضا في تعامله مع السلطة.. فلم تكن المؤامرة موجودة في ذهنه، ولم تكن لديه الخطط لإسقاط السلطة، لأنه كان شريكاً فيها. وهذه بالطبع ليست نيابة عن الحزب في تقديم رأيه، ولكنني كنت قريباً جداً من الراحل، بل كنتُ استطيع سماع وجيب قلبه في بعض الظروف، لذا لم أسمع يوماً كلاماً عن إسقاط النظام أو الالتفاف عليه أو التآمر ضده، ولكنني سمعت آلاف الأطروحات التي تنتقد بمرارة سلوك السلطة وتقصير مؤسساتها في أداء واجباتها وتقديمها للخدمات، كما سمعت أشياء لا تُحصى في الدفاع عن الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، والنقد اللاذع للمسؤولين الذين يبغضون السوفيت ومعسكرهم.. الخ. وكل ذلك كان يُكتب في الصحافة فتراه السلطة وتسمعه.
وأنا أقول هذا لأن بيتنا كان ديوانا للعشرات من المثقفين والأدباء والصحفيين، فضلاً عن قادة كبار في الحزب، وكنت أجلس بينهم لساعات، أخدمهم، إذ كان إخواني الكبار إما جنودا أو عمّالا خارج بغداد.. فيتحدث أصدقاؤه معي ويمازحونني ويسألونني عن أوضاعي في الدراسة، فإذا نظر أحدهم للساعة وكانت قد تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل، يُعاتب والدي (يمعّود يا دراسه يا بطيخ.. هذا الطفل يمته راح ينام ويمته يروح للمدرسة، وشلون راح ينجح.. والله ما أدري يا أبو كاطع).. وكان يجيبهم المرحوم واثقاً (مالكم لازم، ينجح.. ينجح).
وفي ليلة الامتحان الوزاري للسادس الإعدادي، لمادة الفيزياء، نظر الدكتور (غانم حمدون) إلى ساعته وكانت قد تجاوزت الواحدة والنصف صباحاً، وسألني بعطف (إبني إنت شكو عندك سهران لهاي الساعة.. مو عندك امتحان بُكره..).. وعندها نظر المرحوم (أبو كَاطع) إليّ وغمزلي قائلاً (مالك لازم.. باچر يجيب 95)، وكانت نتيجة الامتحان في مادة الفيزياء (95%) فعلا.. وهذه حقيقة لن أنساها.
كنت دائماً أرى وأسمع ولادة المقال الذي يكتبه لليوم التالي، وكان بعضنا يساهم في هذه الولادة، من خلال الفكرة أو الخبر أو الرواية.. فإذا قصصنا حادثة في سيارة النقل العام أو أمام المخبز، أو في سوق الخضار أو مع المعلم أو في دائرة حكومية، أو نكتة يقولها أحد زواره، أو محادثة تنقلها والدتي عن إحدى جاراتنا، كان يلتقطها ويثبّتها في دفتر صغير تحت يده، أو يكتبها مباشرة كموضوع، وكانت ترسل عصراً إلى المطبعة أما عندما يذهب للدوام المسائي في الجريدة، أو يرسلها بيد أخي الأكبر (رياض) الذي كان مرافقه في العمل دائماً.
ولا يصح الحديث عن حياته ومسيرته دون الحديث عن تضحيات الأسرة، وخصوصا والدتي السيدة (أم جبران).. فلقد أسهمت، مع البعض من الأهل، في ضمان تسيير شؤون أسرته في الفترة الطويلة التي عاشها مسجونا أو مطاردا، أو بعد أن غادر إلى منفاه حيث قضى بعيدا عن بلده وأهله.
ولن أنسى ليالي الشتاء الباردة وأنا أرى والدتي تحرس (تنطر) فوق سطح بيتنا في ريف الكوت (شاخة 10) تحسبا من مداهمة الأمن عندما يأتي للمبيت.. أما الحراسة في الصيف فأهون بعض الشيء، كما كانت لأختيّ (أم آيات) و(أم أحمد) مساهمات مشهودة في هذه المسيرة.
وبحساب السنوات، وإذا كان عمره يوم مات نحو خمسين عاما أو يزيد قليلا، فان نصف هذه السنين كانت من تلك الشاكلة، ولم تدفع عائلته لوحدها فاتورة انتمائه إليها، بل دفعت الأسرة الكبيرة هذه الفاتورة منذ شباط عام 1963 وحتى عام 2003. فدفعت خيرة شبابها إلى المشانق أو رصاص الشرطة أو غياهب السجون أو التغييب تحت الأرض.
وكان ملفه لدى الأمن الذي عثرنا عليه عام 2003 من أهم الأدلة على الجهد الكبير الذي بذلته الحكومة وأجهزتها الأمنية في مراقبته ومراقبة أسرته وأولاده وأصدقائه، وكل من كان يتصل به.. ولكم أن تتصوروا الجهود الهائلة التي بذلتها السلطة لمطاردة السياسيين والمثقفين، وليتها بذلتها في بناء البلاد، فقد سخّرت عشرات الشرطة والمخبرين لمتابعة حركته وفق آلية معقدة تضمن استمرار المراقبة 24 ساعة، وسوف نضع في هذا الملف نموذجا لأحد تقارير رجال الأمن.
وعلى المستوى الشخصي، لم تسجل في حياته قصة صغيرة ولا كبيرة عن منازعة في شؤون الحياة وتفاصيلها تتعلق به أو بأسرته، برغم إن حياته كانت صراعا طويلا بما يتعلق بقضايا الناس وحاجاتهم ومظالمهم.
لقد رحل (أبو كَاطع) عام 1981 بعد أن أنهى العقد الخامس من عمره، وبعد أن نشر روايته الخالدة بأجزائها الأربعة عام 1972 (الزناد، بلأبوش دنيا، غنم الشيوخ وفلوس أحميد)، ونشرت روايته الثانية (قضية حمزة الخلف) بعد رحيله، ضمن عشرات المشاريع التي حمل مسوّداتها معه وهو يغادر بغداد بعد منتصف الليل مُنسّلاً من دار أحد أصدقائه.
وإذا كانت هذه الرواية بأجزائها الأربعة قد بدأت من مضيف الشيخ (سعدون بن مهلهل) في ليلة من ليالي كانون الباردة، وبدأت في الزمان الذي أصبحت فيه ثورة العشرين عام 1920 ذكرى قريبة، يتغنى العراقيون ببطولات ثوارها، ويتحّسرون على خسارتهم المعركة أمام القوة الكبيرة للانكيز، فأنها تنتهي قبل أن تسقط ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة ويتم إجهاضها عام 1963 صريعة المؤامرة والفاشية، وفوضى الإدارة التي طبعت المراحل الأخيرة من عهدها.
ولقد اختار الكاتب أن تنتهي الأحداث (المنشورة) من الرواية قبل يوم الثامن من شباط الأسود عام 1963، لان الرواية نشرت في العراق، وفي ظل النظام المسؤول عن ذلك الحدث الأسود.. ولكن المؤلف أكمل في روايته الثانية (قضية حمزة الخلف)، التي نشرت عام 1983 بعد رحيله بعامين، أحداث الانقلاب وما تلاها.. الأمر الذي يجعل الرواية الأخيرة جزءاً أساسيا من الرباعية وخاتمتها التي جسّدت براعة المؤلف عندما يتحرر من قيود الرقابة ويقول الأشياء بمعانيها ومدلولاتها.
فقد كتب الرواية وهو في المنفى ونشرت بعد وفاته في بيروت، ووصلتنا بعد أن عاد المنفيون عام 2003.
لقد أرّخ هذا العمل المجيد لمرحلة حرجة من مراحل الدولة العراقية الحديثة لأكثر من أربعة عقود، تتطور فيها سلطة الإقطاع بدعم ومباركة الانكليز والسلطة التابعة لهم، وُتلقي بظلالها على ريف الوسط والجنوب - محور الرواية ومناخها.
فالكاتب يؤرخ لمرحلة نشوء الإقطاع، وعلاقة ذلك بالانتكاسة التي تعرضت لها عشائر الفرات الأوسط (هذي دّية ثوار الفرات يدفعونها لشيوخ العشاير بدجلة).. فلقد عاد (ابن طرفة) يحمل ألف روبية هدية من الحاكم الانكليزي.. وما أن سمع الشيخ (سعدون بن مهلهل) بهذا الخبر، حتى بدت قضية الوصول إلى الحاكم الانكليزي هاجسه الأعظم، والبداية لنشوء السلطة التي خلقتها الألف روبية وتحالفاته مع أعداء الأمس. ثم تعرضت الرواية لوقائع سقوط الإقطاع على يد ثورة تموز المجيدة ونشوء علاقات اجتماعية واقتصادية جديدة، تتجلى خلالها أخلاقيات وقيم المجتمع، وثبات بعضها وانزواء الأخرى بسبب هذا الوضع الجديد.
لقد قدمت هذه الرواية المرحوم (شمران الياسري – أبو كَاطع) أديباً عظيماً عرفه العراقيون عبر قلمه الرائع وبرنامجه الإذاعي الهائل الذي شغل الناس وحاز على إعجابهم ومتابعتهم.. وعندما بدأت جهود نشر الرواية، وهي جهود استمرت لأشهر لإقناع وزارة الثقافة والإعلام (سابقا) لتعضيد نشر الرواية، ثم اعتذارها لأسباب معروفة، تحّول الهدف إلى أن يتوّلى القرّاء تمويل النشر من خلال شراء الرواية مقدماً.. وهي تجربة فريدة في زمن كانت الدولة تطبع أوطأ الكتب قيمة ولعشرات الجهلة من الكتاب وأدعياء الثقافة والفكر.. فمّثل هذا بحق تحديا فطريا من الجمهور المثقف لأعداء الثقافة والفكر الراقي.
لقد كتب المرحوم (أبو كَاطع) هذه الرواية على ضوء الفانوس في الفترة التي تخفى فيها عن السلطة غداة انقلاب شباط 1963.
كان يصل الليل بالنهار وهو يكتب ويُصّحح وُيعيد الكتابة.. وكان يقرأ مسوّداتها لأصدقائه الذين يأتون لزيارته تحت جنح الليل، متخّفين من عيون الشرطة وجواسيس السلطة.. فيتحاورون ويناقشون، وكان بعضهم شخوصاً بالرواية وأبطالا لأحداث بعينها..
إن (الزناد) هو الأداة التي استطاع بها (ابن مهلهل) التغلب على الشخصية الأسطورية (خلف) وأستحوذ على (ديمته) مقابل هذا الزناد.
ولكن (الزناد)ذاته، يستطيع أن يتسبب بحريق هائل ويغير مجرى الأحداث، ويوقف ما لم يستطع (خلف) التغلب عليه، وهو البطل الهائل، والطيب حد السذاجة.
إن شخصية (أبو كَاطع) المتفردة، والتجربة الغنية، وواجب شعبنا في تخليد مبدعيه، وحق الأجيال الآتية كي تعرف أسلافها، قد فرض علينا وعلى أصدقائه ومحبي ثقافته وأدبه، استمرار الاحتفاء به كل عام. مثلما علينا أن نحتفي بالرموز الوطنية والثقافية الكبيرة في بلادنا.
فالشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري يستحق هذا، ويستحقه الشاعر عبد الوهاب البياتي، والشيخ محمد رضا الشبيبي، والشيخ علي الشرقي، وبدر شاكر السياب، ونازك الملائكة، والشاعر الهائل مظفر النواب، احد روافد نهرنا الثالث، والأديب العظيم غائب طعمة فرمان، وقبل ذلك، وبعده، علينا أن نُخلد رموزا كبيرة في بلادنا كالزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، صاحب النيات الطيبة، والإرادة الوطنية، والشهيد العريف حسن سريع، والدكتور عبد الجبار عبد الله، ومحمد حديد، ومحمد القبنچي ويوسف عمر وناظم الغزالي، والسيد نور الياسري والسيد علوان الياسري والشيخ عبد الواحد آل سكر وشعلان أبو الجون، والشيخ عبد الكريم الجزائري، والسيد محسن الحكيم والسيد محمد باقر الصدر ، والمئات الذين يستعصي المقام على إحصائهم وحصرهم..إن طموحنا أن نباشر بمشروع مركز ثقافي توثيقي أدبي يكون الجامعة الثقافية للأدب العراقي، ومؤسسة ينتفع مما لديها المتخصصون وغير المتخصصين.. وربما يسهم أصدقاؤنا في تحقيق هذا الهدف.. فإن توفقنا بعون من الله، ودعم الأصدقاء، فهذا شرف كبير، وإن لم ننل هذا الشرف، فحسبنا شرف المحاولة، لأن الرجل يستحق، والأدب والثقافة يستحقان.
ومن اجل هذا، سنعمل رويدا، ليكون إرث (شمران الياسري) بيد المثقفين والمهتمين والباحثين في أفضل ما نأمل.. ولحين ولادة المشروع، فقد تم إعداد كتاب عن الراحل قد ينجز في موعد الاحتفالية التي تم تأجيلها إلى ما بعد عيد الفطر المبارك بعون الله تعالى وتسديده.
وبعد تسعة وعشرين عاما، زارت أسرته قبره لمناسبة ذكرى رحيله، لتغمره بفيض الدموع والتقدير، ولتُنير مقبرة الشهداء في بيروت بجوانح الصدق، وتستأثر بلحظات اللقاء في صيف آب اللاهث حتى في بيروت، حيث دار أحفاده حول القبر مبهورين بجلال المكان والشخص والذكرى.
وبعد هذا، هل يجوز لنا أن نسمي (شمران الياسري) بـ (نهر العراق الرابع)؟، ولماذا النهر الرابع وليس الثالث، فلأننا نعطي لمن سبقوه، أو عاصروه، حق أن يكون لهم رافدهم في الوطن، ويكونوا رافدا للوطن.
تحية وسلام إلى روح الفقيد، والى أرواح المئات وربما الألوف من مبدعي العراق في مختلف شؤون الحياة والمعرفة والأدب والثقافة والعلوم.
فشمران الياسري كان عراقيا تمكن مما أبدع، وكان إبداعه في صف الخير والوطنية وحب الناس.. وقد فعل هذا الكثير من معاصريه ومن سبقوه أو أعقبوه.. وبالأحرى، لن نستأثر باسم شمران أو إبداعه، بل يحق لنا أن نتفاخر به، وهذا احد حقوقنا، مثلما هو حق العراقيين، في تركته الهائلة.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced