الضحايا المنسيّون في العراق.. التغيرات المناخية تقسو على سكان الريف
نشر بواسطة: mod1
الأحد 14-01-2024
 
   
المدى/ علي الحمداني

زهرة طبك، مواطنة من محافظة الديوانية، كانت تسكن في الريف معتمدة على الزراعة وتربية الحيوانات من المواشي والأغنام لكسب قوتها لإعالة عائلتها الكبيرة (ثمانية ذكور وفتاتين) مع زوجها الذي يمتهن الفلاحة أيضاً.

تقول طبك لـ(المدى)، إن الجفاف استفحل في قريتها الواقعة جنوبي العراق، بعد أن كانت تزرع فيها الكثير من المحاصيل الزراعية الشتوية والصيفية، منها البطاطا والباذنجان والطماطم والبصل والخس واللوبيا والبامية والحنطة والشعير، وكذلك الجت الذي تطعم به مواشيها.

"كنتُ مكتفية من إنتاج هذه المحاصيل ولا أذهب للسوق إلا في بعض الأمور الضرورية، لأن كل ما احتاجه متوفر حتى من اللحوم الحمراء والدجاج".

وتضيف، "لكن بسبب شحة المياه تحوّلت تلك الأراضي إلى صحراء جرداء وهلكت الحيوانات، ما اضطرنا إلى هجرة الريف والانتقال إلى المدينة نتيجة هذه الظروف القاسية"، لكن المعاناة لم تنته.

حيث تشكو طبك التي تسكن حالياً في دار استأجرتها داخل المدينة، من قلّة فرص العمل مع غلاء الأسعار، داعية الجهات المعنية إلى إيجاد معالجات حقيقية لأزمة المياه التي أثرت على حياة الكثير من سكان الأرياف. وتعتبر الديوانية من المحافظات الزراعية نظراً لوفرة الأراضي الخصبة، إذ تمتاز بكونها رقعة جغرافية مهمة على نهر الفرات، وتضم مناطق زراعية كبيرة وبحيرات للأسماك وبساتين للنخيل، إضافة إلى الأهوار وخصائص فريدة أخرى.

ومع تراجع معدل هطول الأمطار الى 92.8 ملم سنوياً في عام 2019 والأعوام التالية، عانى المزارعون من خسائر فادحة حيث تقلصت مساحة الأراضي المزروعة خلال العام الحالي إلى النصف، وتضرر العشرات من المزارعين (خارج الخطة الزراعية وداخلها) ما عرضهم إلى خسارة مبالغ مالية كبيرة.

وتسبب الجفاف وتراجع نشاط الزراعة، بارتفاع نسب الفقر في جميع المحافظات إلى مستويات قياسية، فيما وصلت نسبة الفقر في الديوانية إلى 47 ‎في المائة‎ والتي تعد ثاني أفقر محافظة بعد المثنى، بعدما كانت من بين أغنى المحافظات لما تمتاز به من إنتاج زراعي وصناعي.

الهجرة المناخية في العراق

وحسب تقديرات منظمة الهجرة الدولية فإنه اعتباراً من أيلول 2023 نزح ما يقارب من 130 ألف و788 شخصاً بسبب عوامل متعلقة بظروف الجفاف ونقص حاد في مناسيب المياه.

يذكر أنه حتى منتصف آذار/مارس، كانت هناك 12 ألفاً و212 عائلة (73 ألفاً و272 شخصاً) نازحة بسبب الجفاف في عشر محافظات عراقية في وسط وجنوبي العراق، بحسب تقرير لمنظمة الهجرة.

ومن بين المحافظات الأكثر تأثراً، محافظات ذي قار وميسان والديوانية، وفق المنظمة، مشيرة إلى أن 76 في المائة من العائلات النازحة تذهب إلى مناطق حضرية.

وتصنف الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، في حين يندد العراق بالسدود التي تبنيها تركيا وإيران المجاورتين والتي تسببت بنقص ملحوظ بمنسوب الأنهار الوافدة إلى أراضيه.

تداعيات الهجرة

أحدث التغير المناخي في العراق مشاكل اجتماعية، حيث أجبر الجفاف آلاف الأشخاص من أبناء الريف على الهجرة الى مراكز المدن بحثاً عن عمل وجالبين معهم عاداتهم وتقاليدهم، ما سبب صدامات مجتمعية وأحياناً تحمل طابع العنف. وفي هذا السياق، يقول الخبير في مجال المياه، تحسين الموسوي، إن "المرأة الريفية كانت ثرية تعتاش من خلال منتوجاتها التي تعتمد على تربية الثروة الحيوانية، وتشارك زوجها وأفراد عائلتها في زراعة الخضروات والمحاصيل الستراتيجية".

وعن عمليات نزوح نساء الريف إلى المدينة، يؤكد الموسوي لـ(المدى)، أن "لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية سلبية كبيرة، منها فقدان الأيدي المنتجة وانخفاض إنتاج الزراعة والثروة الحيوانية، مع صعوبة إعادة النازحين لأراضيهم مجدداً، لكلفتها المادية بتوفير الظروف المناسبة لهم".

ويضيف، كما أن "هناك مشاكل البعد الاجتماعي عند الانتقال من بيئة إلى أخرى، وهذا ظهر جلياً بالمحاكم في الآونة الأخيرة، حيث حصلت حالات طلاق وعنف أسري بين العوائل نتيجة فقدان مهنها وتعرضها للفقر وأحياناً للتنمر أيضاً".

"والضحية الأبرز في هذا الجانب هن النساء اللواتي تركن مهنهن الريفية وصعوبة حصولهن على مصادر للعيش جديدة في ظل إهمال القطاع الخاص بالمدن، والأطفال الذين قد يحرمون من مواصلة الدراسة".

ويشير إلى أن هذا الموضوع "غائب عن المشرّع العراقي وعن الجهات التنفيذية، ما يستوجب وقفة جادة ووضع دراسات على أرض الواقع وتفعيل القوانين المتعلقة بهذا الجانب، لما له من آثار خطيرة على المستقبل القريب فضلاً عن البعيد".

بدورها، تؤكد عضوة لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، زوزان علي صالح، أن "المرأة هي أكثر الأفراد تضرراً نتيجة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، حيث أنها تعيل أسرتها من خلال العمل في الزراعة وتربية المواشي، المجال الأشد تأثراً بشحة المياه والجفاف".

وتضيف صالح لـ(المدى)، أن "الكثير من النساء أجبرن - بسبب تردي الوضع الاقتصادي - على ترك التعليم، وتعرضت الكثير منهن إلى العنف الأسري الجسدي، فضلاً عن التأثير النفسي جرّاء الانتقال من مناطق سكنهن إلى مدن ومحافظات أخرى، وكان للتأثير البيئي على النساء في الكثير من الدول أنه رفع من معدل وفاتهن عشرات المرات أكثر مقارنة بالرجال".

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced