الزواج المبكّر يعمّق أزمة المعيشة ويفاقم العنف الأسري
نشر بواسطة: mod1
الأحد 21-01-2024
 
   
طريق الشعب

يربط باحثون عراقيون بين تفشي ظاهرة الزواج المبكر وتفاقم الازمات المعيشية والمشكلات المجتمعية في المناطق الشعبية والريفية، التي تسكنها العائلات ذات الدخل المحدود، والتي تنشط فيها مثل هذه الزيجات المبكرة.

ومعلوم ان الشاب الذي يتزوج بعمر صغير (أقل من 18 عاما)، لم يتسن له بعد توفير متطلبات بناء الأسرة وتأمين سبل معيشتها، لذلك يضطر وزوجته إلى السكن مع عائلته، فتترتب على ذلك أعباء معيشية إضافية، تؤدي في كثير من الأحيان إلى مشكلات عائلية، وبالتالي ينتهي الأمر إلى الطلاق.

ورغم حملات التوعية بمخاطر الزواج المبكر، والتي تتولاها السلطات ومنظمات المجتمع المدني، إلا أن الظاهرة تتسع يوما بعد آخر، خاصة في المناطق الريفية، مُخلّفة مشكلات وأزمات مجتمعية، تبدأ من ارتفاع معدلات الطلاق والعنف الأسري، إلى زيادة الوفيات أثناء الولادة أو خلال الحمل، وصولاً إلى أزمة السكن.

ووفقا لما تنقله وكالة أنباء «العربي الجديد» عن مسؤول في وزارة التخطيط، فإن «ظاهرة تزويج الفتيات قبل بلوغهن 16 سنة تتواصل بارتفاع مضطرد، وان هناك تزويجا للصبيان أيضاً، والكثير من هؤلاء لا يدركون معنى الزواج وتكوين الأسرة».

الجانب البيئي

الباحث الاجتماعي مصطفى الشمري، يرى في حديث صحفي أن الكثيرين ممن يناقشون موضوع الزواج المبكر وسلبياته، يتجاهلون تأثيره على الجانب البيئي.

ويوضح أن «الزواج المبكر في المناطق الفقيرة المكتظة بالسكان، يمكن أن تترتب عليه مخاطر عديدة تؤثر على البيئة وعلى مشاريع التنمية المستدامة. فالأزواج صغار السن عادة ما يعيشون حياة زوجية أطول، ما يؤدي إلى زيادة معدلات الإنجاب، ويتسبب بالتالي في زيادة أعداد السكان، وهذه الزيادة تعني زيادة الطلب على الخدمات، خاصة في المناطق التي تعاني أساساً تردي الخدمات».

ويضيف الشمري قوله أن «الزواج المبكر قد يتسبب أيضاً في توقف تعليم الفتيات، أو التقليل من فرصهن في التحصيل العلمي، والمشاركة في القوى العاملة. فالتعليم الجيد يساهم في توجيه المجتمع نحو ممارسات أكثر استدامة، والأفراد الذين يتزوجون مبكراً قد يواجهون صعوبة في الحصول على فرص عمل مناسبة ومستدامة. كما أن فقدان الدخل المستدام يمكن أن يزيد من الضغط على البيئة ومواردها أثناء محاولة تأمين سبل العيش».

ويتابع قائلا: «قد يعرّض الزواج المبكر الزوجين وأسرتيهما لخطر الفقر، ويمكن أن يؤدي الفقر إلى استنزاف الموارد البيئية لتلبية احتياجات الحياة الأساسية، فتنشط أعمال بسيطة تؤثر على البيئة، مثل بسطات وعربات الطعام والمشروبات الجائلة، أو العمل في مهن مضرة بالصحة والبيئة، مثل جمع المواد التالفة والنفايات القابلة للتدوير».

17 نسمة في 80 مترا مربعا!

تعد مدينة الثورة (الصدر)، واحدة من المناطق الفقيرة المكتظة بالسكان في البلاد، إن لم تكن الأكثر اكتظاظاً. ويبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة من مجموع 9 ملايين نسمة في عموم العاصمة. ويعيش معظم السكان في بيوت صغيرة المساحة بمتوسط 7 أشخاص لكل عائلة. ويعمل أكثر أبناء المدينة في حرف ومهن غالبيتها شاقة وأجورها قليلة، والنسبة الأكبر منها تنتج عنها أضرار صحية وبيئية.

يقول مرتضى نعيم (26 سنة)، وهو من أهالي المدينة، انه تزوج حين كان عمره 18 سنة من ابنة عمه التي تصغره بعام واحد، وأنجب منها خمسة أطفال.

ويوضح في حديث صحفي، أنه يسكن في بيت والده، وتبلغ مساحة البيت 80 متراً مربعا، وهو مكون من طابقين، وفيه خمس غرف صغيرة، مبينا أن «عدد سكان البيت حاليا يبلغ 17 فرداً، هم أسرتي وأسرتا شقيقيّ المتزوجين، إضافة إلى والدي ووالدتي».

ويشير نعيم إلى انه يعمل مع شقيقيه في ورشة صغيرة لتصليح مولدات الكهرباء داخل الحي الذي يسكنون فيه، وأن عملهم يتسبب في أضرار بيئية وصحية كونه يخلف موادَ ضارة، لا سيما أنه يقع في مكان غير مخصص للمهن الصناعية، مستدركا «لكن حالنا ضعيف، وليس لدينا إمكانية لإنشاء ورشة في حي صناعي».

مرونة في القانون العراقي

تسعى جهات حكومية ومنظمات مدنية إلى وضع حد لظاهرة الزواج المبكر لما لها من آثار سلبية، لكن طبيعة المجتمع العراقي لا تساعد في فرض قوانين تحدد سن الزواج.

وتؤكد المحامية رنا الزبيدي، أن «القانون العراقي يشترط أن يقع الزواج بعد تجاوز الـ 18 عاما من العمر»، مستدركة في حديث صحفي «لكن القانون منح في هذا الموضوع نوعاً من المرونة، لمراعاة طبيعة المجتمع وعاداته، والتماشي مع الشريعة الإسلامية، على اعتبار أن الشرع الإسلامي لم يحدد عمراً للزواج، وأعاد ذلك إلى بلوغ الذكر والأنثى، وإلى أولياء الأمور».

وتلفت إلى انه «كلما زاد عدد الزيجات المبكرة كلما زادت الأضرار»، مبينة أنه «بعد فترة قصيرة من هذا الزواج تنشب خلافات كثيرة، ويكون السبب غالبا كبر حجم الأسرة، أو عدم القدرة على تحمل المسؤوليات المعيشية ونفقاتها، فينتهي الأمر بالطلاق».

ويسجل العراق أرقاماً كبيرة في حالات الطلاق. فحسب بيانات مجلس القضاء الأعلى، سجلت البلاد خلال عام 2023 معدل طلاق بلغ 200 حالة يومياً، و6 آلاف حالة شهرياً. وفي عام 2022، جرى تسجيل أكثر من 73 ألف حالة طلاق.

مساهمات المجتمع المدني

من جانبها، تقول الناشطة في مجال البيئة، فاطمة عباس، ان «هناك عملاً مستمراً من قبل منظمات مجتمع مدني ونشطاء في مجالات الصحة النفسية والبيئة والمرأة والطفل، للحد من ظاهرة الزواج المبكر، التي يبدو أنه من غير الممكن إيقافها. فقد أصبحت أعباء هذا الزواج أكبر بكثير مما كانت عليه في السابق، وأخذت تشمل الصحة والبيئة أيضاً»، مشيرة في حديث صحفي إلى أن «هناك منظمات إنسانية وحقوقية عالمية تعمل أيضاً على المساهمة في تقليل حجم هذه الظاهرة، لمعرفتها بتأثيراتها السلبية».

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced