مضايقات وضغوط وتهميش.. عراقيات في السلك العسكري يفكّرن بالاستقالة
نشر بواسطة: mod1
الخميس 01-02-2024
 
   
بغداد/ تبارك عبد المجيد

رغم تحدياتها الشاقة والمتعددة، تتجسد قوة وإرادة النساء العراقيات في السلك العسكري بوضوح، اذ يتحدين التقاليد والمعتقدات ليثبتن قدرتهن وكفاءتهن، مما يجعلهن مصدر إلهام وفخر واعتزاز للمجتمع.

بدأت الشابة ميسرة الماجد (ملازم أول)، رحلتها في المجال العسكري بعد تخرجها من الجامعة وحصولها على شهادة القانون من جامعة النهرين، وتعود رغبتها في دخول هذا المجال؛ لنشأتها في بيئة تطبق فيها بعض القوانين الـ"عسكرية" كالالتزام والترتيب، حيث والدها عسكري.

وبعد أن نشرت وزارة الداخلية العراقية/ المعهد العالي للتطوير الامني استمارة تقديم للانضمام، تمكنت ميسرة من اجتياز كافة الاختبارات بتفوق تام، وحققت حلمها فطالما شغل بالها ذلك الزي العسكري والكاريزما التي كانت تحلم بها وهي تحمل سلاحها وتؤدي واجبها بتطبيق القانون وحماية المجتمع، وبدعم أهلها وعلى رأسهم والدها الذي كان يمنحها من وفير خبرته العسكرية تمكنت من تحمل أيام التدريب الشاقة.

وعلى الرغم من مساندة الأهل إلا أنها واجهت تحديات اجتماعية تمثلت بالصورة النمطية تجاه النساء، حيث تقول لـ(المدى)، إن "الأفكار الرجعية والتقليدية التي تنظر للمرأة بأنها كائن ضعيف ولا تستطيع التحمل أو التواجد، بالإضافة إلى الاعتقاد السائد بأن السلك العسكري حكر للرجال، جعلني أواجه عددا من الضغوط".

وتابعت ميسرة حديثها عن أبرز التحديات التي تواجه النساء في السلك العسكري: "عدم وجود تكافؤ في الفرص التدريبية مع وجود تحيز كبير تجاه الرجال"، لافتة إلى أن "الحياة العسكرية خلقت تحديا في موازنة الحياة الشخصية والعملية بسبب طبيعة العمل العسكري الشاقة التي تتطلب التواجد في أيام الانذارات والطوارئ، ومع ذلك، فإن النساء الضابطات يثبتن يوما بعد يوم قدرتهن وكفاءتهن في القوات المسلحة".

ونقلت ميسرة شعورها بعدم الإنصاف وكذلك أغلب زميلاتها لعدم حصولهن على الاستحقاق الوظيفي، اذ تجد نفسها تراوح في مكانها، بينما يتسابق الرجال على المناصب"، مستدركة "إننا نخشى التعبير عن آرائنا أو الاعتراض، فلا أحد يتكهن بأساليب الانتقام الملتوية التي ستطلق تجاهنا لمجرد إبداء الملاحظات".

وأشادت ميسرة بالدور الإعلامي الأخير الذي اتجه نحو المرأة العسكرية وكيف تمكنت من تغيير الصورة التمييزية النمطية التي تلاحقها، حيث أصبحت الكليات العسكرية تخرج المئات من النساء مقارنة بالسنوات السابقة، حيث لم يتجاوز عددهن 40 ضابطة.

من جهتها، تقول الموظفة في وزارة الدفاع، صفاء اللامي لـ(المدى)، إن عدم ألقاء التحية للمرأة في السلك العسكري لا يعكس سوى عدم الاحترام، ويجب أن يتم التعامل معها بناءً على الكفاءة والمهنية والنزاهة.

وتضيف اللامي: "لو خيروني بين البدل المالي والتحية، لاخترت الأخيرة مهما كان المقابل المادي، فالتحية واجبة للمرسوم الجمهوري بغض النظر عن حامله".

وتشير الى، أنه "بسبب كثرة المضايقات والضغوط والتهميش وعدم التقدير، أصبحت أفكر في أنني في المكان غير المناسب واردت تقديم الاستقالة، وبسبب صعوبة خيار الانسحاب من العمل، أجد نفسي في وضع محرج "ورطة"، فالعمل يعني لي الكثير، لكنه يفتقر إلى التقدير والعدالة".

وتزيد بالقول إن "هناك عدم تقبل مجتمعي للمرأة العسكرية، كما تلاحقها السمعة الاخلاقية، اذ يصفها البعض بـ "وقحة" او "غير خلوقة"، كما يتعرضن للعديد من محاولات الابتزاز والتحرش والمساومة، خاصة لمن تعمل بتفاني وإخلاص".

وترى اللامي، أن "معاناة بعض الضابطات لا تقارن أمام ما تعانيه بعض المنتسبات في محافظات الوسط والجنوب؛ تمييز طبقي بين الضابطات وبقية المنتسبات، عدم الإنصاف في منح الإجازات وكتب الشكر والإيفادات والمناصب، على الرغم من أداء الضابطات مهام اضافية، بالإضافة الى حرمان الكثير من الاشتراك في دورات الضباط؛ لعدم سماح أغلب الأسر لنسائهن بالسفر كونه يتطلب البقاء خارج المنزل لأيام طويلة قد تصل إلى سنة تتخللها فترة الإجازة".

وانتقدت ظاهرة "الحجاب الإلزامي" حيث تجبر جميع الطالبات في وزارة الدفاع على ارتدائه خلال مراسيم التخرج وفي بعض المواقف، مؤكدة أن هذا التصرف ينبع "من عرف تقليدي وليس من قوانين محددة".

وختمت بالقول إن "المرأة العراقية بدأت تأخذ دورها في مختلف مجالات الحياة، وتشارك في مهن يحتكرها الرجال، متحدية بذلك نظرة المجتمع والتقاليد والأعراف العشائرية"، معبرة عن حزنها لتأخر مجتمعاتنا في فهم أهمية دور النساء.

تتشابه تجربة المقدمة سجى العبايجي مع تجارب زميلاتها في المهنة، حيث تحدثت لـ(المدى) عن التحديات الاجتماعية التي تواجهها النساء في المجال العسكري، فيما اشارت إلى أن البيئة الاجتماعية خلقت ضغوطاً وقيوداً ساهمت بالحد من حرية النساء وقدرتهن على التفكير بشكل مستقل.

على الرغم من رغبتها في تقديم استقالتها بعد شهر من العمل، إلا أنها قررت تحدي نفسها والاستمرار في المهنة، وتمكنت من إثبات قدرتها ونجاحها في العمل، مما ساهم في تغيير نظرة الآخرين تجاهها، واعتبرت أن اقتران مهنة العسكرية بالرجال لسنوات طويلة يزيد من صعوبة الموقف، حيث يُنظر إلى النساء في هذا المجال على أنهن "دخيلات"، مما يجعلهن يواجهن تحديات إضافية في العمل.

نقلت العبايجي عبر (المدى) بعض الجمل التي كانت تواجهها بالتردد، مثل: "ماراح تكدرين تتحملين العمل"، "هذا مو مكانج"، "مكانجن المطبخ". وعلى الرغم من تأثرها النسبي بهذه الأقوال، إلا أن دعم أسرتها وزوجها ساعدها في التغلب عليها والاستمرار في تقدمها إلى الأمام.

وأشادت العبايجي بالتغييرات الإيجابية التي حدثت رغم تأخرها، والتي تمثلت في "تعديل فقرات القوانين المتعلقة بالنساء، بالإضافة إلى تطبيق نظام "الخفارة" في العديد من المديريات وتهيئة أماكن خاصة للنساء".

ختاماً، قدمت العبايجي نصيحة للفتيات المتطلعات لدخول السلك العسكري، شريطة أن يكون قرارهن مبنيا على رغبة ودافع حقيقيين. وقالت: "عليهن أن يكونن على استعداد لتحمل المصاعب والتحديات، وأن يدركن أن البداية لن تكون سهلة مطلقا، ولكنهن سيتجاوزن ذلك إذا ملكن العزيمة والدافع الحقيقي للمقاومة، ومن ضمن هذا الدافع حب المهنة والرغبة في خدمة المواطنين".

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced