أما بعد .. مقاهي بغداد الثقافية
نشر بواسطة: mod1
الخميس 22-02-2024
 
   
منى سعيد

بعد غربة دامت 28 سنة عادت المخرجة والفنانة المسرحية والإعلامية إيمان خضر إلى الوطن ، لتساهم بترميم ذاكرة العراق وإعادة ألق ثقافته عبر إخراج عدد من الأفلام الوثائقية من بينها فيلم “ مقاهي بغداد الثقافية”، الذي عرض أخيرا في قاعة متحف بيت الشاعر الكبير الجواهري في منطقة اليرموك.

تناولت خضر في فيلمها الذي أخرجته في العام 2013 نحو خمس مقاهي بغدادية أغلبها اندثر للأسف وتحول إلى مخازن أو محال لبيع الأحذية والبضائع المختلفة، لذا كان هدف الفيلم بالدرجة الأولى، استعادة أدوارها الثقافية والسياسية والفنية واستذكارها على نحو وثائقي ودرامي في الوقت نفسه.

فللمقهى الشعبي العراقي سابقا دور رئيسي في إنتاج الثقافة والمعرفة، وفيه (مقهى الزهاوي) دارت أولى المعارك الأدبية، ومنه انطلقت المراسلات الأدبية والنقدية بين الزهاوي والرصافي من جانب، مع  محمود عباس العقاد ومحمود أحمد السيد في مصر.

وفيه أزدهر الجالغي البغدادي ودارت في أجواءه أغنيات وبستات يوسف عمر والقبنجي، كما انطلقت حوارات واحاديث عبر حكايات القصخون ومسرحيات خيال الظل.

وفي تلك المقاهي أوقدت أولى جذوات الانتفاضات والوثبات الشعبية ضد الاحتلال الانجليزي ورفض المعاهدات الاستعمارية الجائرة كمعاهدة بورتسموث عام 1948، وفيها ألف الجواهري الكبير قصيدة “ أخي جعفر” التي رثى فيها أخيه شهيد الوثبة.

وفي الستينات ظهر مقهى المعقدين، وهو أسم أطلقه أنفار مديرية الأمن العامة على رواد المقهى من المثقفين، الغارقين بقراءة الكتب والمرددين عبارات مبهمة عن الوجودية وغيرها من المصطلحات الغريبة. ومنها صدرت صيحات الحداثة، التي ورد ذكرها في روايات غائب طعمة فرمان، وتبنى شبابها أفكارا ثورية متأثرين بثورات الشباب في أوروبا ، وبالمقاومة الفلسطينية، وأفكار جيفارا. فكانت أشبه بالموقع السياسي الذي يتم عبره تجنيد الشباب وتسفيرهم للانضمام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

تلك المقهى شكلت منطقة أحلام مستقبلية على حد تعبير أحد روادها الفنان رعد مشتت، وفيها كتب الدكتور عقيل مهدي أولى مسرحياته.

وشهد مقهى حسن عجمي أولى حركات تجديد الشعر العراقي ونضوج جيل السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات، وكانت ملجأ ومنتدى للجنود القادمين من جبهات القتال يلوذون بها قبل شحنهم للجبهات، كما كان المكان الأخير الذي يغادره هؤلاء الشباب خصوصا غير المتزوجين منهم، حيث تشرب بأنفاسهم وأحلامهم وأفكارهم حول مستقبل عراقي أفضل.

في السنوات الماضية شهدت المقاهي اغتيالا منظَّما للثقافة العراقية، ولا أدل على ذلك من تفجير مقهى الشابندر بهجوم وحشي، راح ضحيته العشرات واحترقت فيه الآلاف من كتب أرصفة ومكتبات شارع المتنبي.

واليوم لا يتوفر مقهى ثقافي مميز يجمع المثقفين إلا ما ندر، حتى أن المكان الوحيد الذي يضمهم أيام الجمعة هو فسحة مقهى “حنش” التي لا تتوفر على أبسط مستلزمات النظافة والكراسي المناسبة، الى جانب مقهى الشابندر الغاص بدخان الأراكيل، ثم بعض مقاهي الكاظمية والمقاهي الحديثة مثل مقهى رضا علوان وكهوة وكتاب والبيروتي وغيرها، والتي لم تتشكل أدوارها الثقافية بعد.

طريق الشعب

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced